[i] أسلوب النبي (صلى الله عليه وسلم ) في تربية الأولاد
كان يهتم الرسول الاكرم (صلى الله عليه وسلم ) كثيراً بتربية الأطفال وبذل العناية بإحياء الشخصية فيهم منذ الصغر. فقد كان يراقب أطفاله الأيام الأولى للولادة فالرضاع فالأدوار الأخرى خطوة خطوة. ويرشدهم إلى الفضائل العليا والقيم الفضلى. ويحترمهم ويكرمهم حسب ما يليق بهم من درجة تكاملهم الروحي.
والاهم من ذلك أنه كان لا يقصر اهتمامه على أطفاله بل كان يهتم بتربية أطفال الآخرين أيضاً؛ فقد كان مربياً عظيماً وأباً عطوفاً لأطفال المسلمين أيضاً. وكان يسعى لأحياء الشخصية الفاضلة فيهم قدر المستطاع وعلى سبيل الشاهد.
روي عن أم الفضل زوجة العباس بن عبد المطلب – مرضعة الحسين: قالت: " أخذ مني رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) حسيناً أيام الرضاعة فحمله فأراق ماءً على ثوبه فأخذته بعنف حتى بكى، فقال (صلى الله عليه وسلم ) مهلاً يا أم الفضل، إن هذه الإراقة للماء يطهرها فأي شيء يزيل هذا الغبار عن قلب الحسين (صلى الله عليه وسلم ).
إن مرضعة الحسين ترى في البلل الذي أحدثه على ثوب جده – شأنه في ذلك شأن سائر الأطفال – عملاً منافياً، ولذلك فهي تأخذه من يد رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) بعنف في حين أن ذلك يخالف سلوك النبي (صلى الله عليه وسلم ) مع الأطفال ومع فلذة كبده بصورة خاصة. فالطفل الرضيع يدرك العطف والحنان كما يدرك الحدة بالرغم من ضعف روحه وجسده، ولذلك فهو يرتاح للحنان ويتألم من الغلطة والخشونة. إن الآثار التي تتركها خشونة المربي في قلب الطفل وخيمة جداً بحيث أنها تؤدي إلى تحقيره وتحطيم شخصيته.
فلا بد أ ن يدرك الوالدان أن خشونتهما وغلظتهما تؤدي إلى تحقير الطفل وإيذائه، فعلى الأم الناجحة والأب الناجح أن ينشئوا أطفالهم بصورة صحيحة ويحذروا من إثارة غبار التألم فقد كان أطفال الناس في زمن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) يحوزون احتراماً وتكريماً من قائد الإسلام العظيم وكان يبذل لهم من العناية بمشاعرهم الروحية وعواطفهم ما يبذله لأولاده.
فعن الإمام الصادق أنه قال: "صلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) بالناس الظهر فخفف في الركعتين الأخيرتين فلما أنصرف قال له الناس: هل حدث في الصلاة حدث؟ قال: وماذا ذلك؟ قالوا خففت في الركعتين الأخيرتين. فقال لهم: أما سمعتم صراخ الصبي؟".
وهكذا نجد النبي العظيم (صلى الله عليه وسلم ) يطيل في سجدته تكريماً للطفل تارة ويخفف في صلاته تكريماً للطفل أيضاً تارة أخرى، وهو في كلتا الصورتين يريد تأكد احترام شخصية الصبي وتعليم المسلمين طريق ذلك. كان (صلى الله عليه وسلم ) يقدم من السفر، فيتلقاه الصبيان فيقف لهم ثم يأمر بهم فيرفعون إليه منهم بين يديه ومن خلفه، ويأمر أصحابه أن يحملوا بعضهم.
فربما يتفاخر الصبيان بعد ذلك فيقول بعضهم لبعض: حملني رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) من بين يديه وحملك أنت وراءه، ويقول بعضهم: أمر أصحابه أن يحملوك وراءهم. ومن أساسيات الرسول (صلى الله عليه وسلم ) كان يعامل جميع الأطفال سواء كانوا أبناءه أو أبناء غيره بالشفقة والعطف والحنان حتى جاء في الحديث: "والتلطف بالصبيان من عادة الرسول". وكان (ص) يؤتى بالصبي الصغير ليدعو بالبركة وليسميه. فيأخذه فيضعه في حجره تكرمه لأهله.
فربما بال الصبي عليه فيصبح بعض من رآه الصبي بال، فيقول (صلى الله عليه وسلم ): لاتزرموا بالصبي فيدعه حتى يقضي بوله ثم يفرغ من دعائه أو تسميته. فيبلغ سرور أهله مبلغه ولا يرون أنه يتأذى ببول صبيهم فإذا انصرفوا غسل ثوبه. هكذا كان نهج النبي (صلى الله عليه وسلم ) وهكذا كانت سيرته وتعامله مع أولاده وأولاد المسلمين قاطبة فلا بد أن نسير على سيرته وننهج نهجه المبارك لنكون قدوة حسنة بين أهلنا وأبناء مجتمعنا